علي عزت بيجوفيتش

علي عزت بيجوفيتش

علي عزت بيجوفيتش
إعداد: ربيع عبد الباقي

علي عزت بيجوفيتش.. زعيم مسلم ومناضل، وأول رئيس لجمهورية البوسنة والهرسك بعد انتهاء حرب الإبادة التي شنَّها الصرب الصليبيون على مسلمي البوسنة بهدف إبادتهم.

المولد:
وُلد في مدينة بوسانا كروبا البوسنية- (البوسنة هي إحدى جمهوريات الاتحاد اليوغسلافي السابق، والذي تفكَّك إلى كورواتيا وصربيا والبوسنة والجبل الأسود)- لأسرة عريقة في الإسلام واسم عائلته يرجع إلى الوجود التركي بالبوسنة؛ حيث كلمة (بيج) في اسم عائلته هو النطق المحلي للقب (بك) العثماني، ولقبه (عزت بيجوفيتش) يعني ابن عزت بك.

تعلم في مدارس البوسنة وهي مدارس لا تهتم بتعليم العلوم الدينية؛ فعمل مع بعض زملائه في المدرسة على تكوين جمعية أو نادٍ يهتم بالأمور الدينية ويعوضهم عن الحرمان الذي يعانونه في تلك المدارس فأنشأ ناديًّا أطلق عليه (الشبان المسلمين) مع محمد خان نيج، وقاسم دوبراجا، اللذين كانا قد درسا في الأزهر بمصر وهما من تلاميذ الإمام البنا.

اتسع نشاط هذا النادي (أو الجماعة)، وتطور نشاطه ليشمل أنشطة خيرية واجتماعية وأنشأ قسمًا للفتيات المسلمات، وساهم النادي بدور كبير أثناء الحرب العالمية الثانية كإيواء اللاجئين ورعاية الأيتام، واتسع نطاق هذه الجماعة فضمت عددًا من طلاب البوسنة الذين درسوا في الأزهر الشريف؛ مما ساعد في إرساء فكر هذه الجماعة وتأصيل دعائمها.

تخرج في كلية القانون وعمل مستشارًا قانونيًّا طيلة 25 عامًا، وبسبب نشاطه وتوجهه الإسلامي تعرض للاضطهاد في الحقبة الشيوعية ولا سيما في عهد الزعيم جوزيف بروس تيتو؛ حيث سُجن عدة مرات- أودع السجن بين عامي (1365هـ/1946م- 1369هـ/1949م) بعد استيلاء الشيوعيين على الحكم بتهمة قيادة اتجاه أصولي إسلامي في يوغسلافيا السابقة، وكان قد ألَّف كتاب (الإعلان الإسلامي) 1390هـ/1970م والذي سُجن بسببه ثلاثة عشر عامًا في العهد الشيوعي، دعا فيه إلى إقامة نظام إسلامي يتضمن وحدة الدين والقانون، ووحدة التربية والقوة، ووحدة المثل العليا والمصالح، ووحدة المجتمع الروحي والدولة، والتوفيق بين التطوع والإجبار.

تسلم بيجوفيتش رئاسة جمهورية البوسنة والهرسك من عام 1990م إلى 1996م، وأصبح عضوًا في مجلس الرئاسة البوسني من 1996م إلى 2000م.

جهاده:

قاد شعب البوسنة في الدفاع عن استقلالها؛ فقاد مقاومة عنيفة وشجاعة ضد الاجتياح الصربي للبوسنة والتي تعرض فيها المسلمون إلى مجازر ومذابح لم تحدث في التاريخ منها مذبحة سيربنتشا وغيرها من مذابح الإبادة التي شنها الصليبيون الصرب والكروات لاجتثاث المسلمين من البوسنة، صمدت البوسنة تحت قيادته صمودًا سجَّله التاريخ فأيقظ في الشعب البسنوي روح العقيدة والفداء رغم تكالب الغرب الصليبي وتواطؤه مع الصرب.

أما على المستوى السياسي فقد قاد مفاوضات مضنية وعصيبة مع الغرب الصليبي؛ لأجل الحفاظ على حقوق البوسنة، وتحت تهديد هدير المدافع الصربية إلا أنه ظل صامدًا؛ فالغرب يضغط عليه لإعطاء تنازلات والصرب يقودون حملتهم الإبادية حتى انتهت مشكلة البوسنة فيما سُمِّى باتفاق دايتون تحت مظلة وضغوط الغرب الصليبي.

إسهاماته الفكرية:

ألَّف كتب (الإعلان الإسلامي- الإسلام بين الشرق والغرب- الهروب إلى الحرية- مذكراتي).

قبس من أفكاره:

يقول (علي عزت): إنه لمن التناقض الصارخ أن تقدم إلينا تربية الذل والانصياع والطاعة هذه باسم تربية القرآن، والقرآن منها برئ.. هذا القرآن الذي يذكر مبدأ الجهاد ومقاومة الظلم في أكثر من خمسين موضعًا، ويعلي من قدر الجهاد ويرفع درجة الشهيد إلى درجات الأنبياء والصديقين، هذا القرآن لا يمكن أن يكون مسئولاً عن هذا الذل والاستضعاف الذي يعانيه المسلمون.

أرجع سبب تأخر المسلمين إلى الابتعاد عن الإسلام، ومجاراة الغرب، وأكد عظمة المسلمين عندما يلتزمون نهج القرآن الكريم، وقرر أن الإسلام له فكره، والجامعة الإسلامية هي اتجاهه السياسي، وناهض الذين يتهمون الإسلام أو المسلمين بإعاقة التقدم، واعتبر أن فكرة القومية في الدول الإسلامية، فكرة دخيلة أجنبية، وأن النظام الإسلامي لا يمكن أن يقوم دون حكم إسلامي، وأن المواطن في الدولة الإسلامية يجب أن يكون قبل كل شيء مؤمنًا مسلمًا ثم مجاهدًا، فاز بجائزة الملك فيصل العالميّة لخدمة الإسلام (محمد علي شاهين أعلام الصحوة).

وفاته:

توفي في 19 أكتوبر 2003م عن عمر ناهز 78 عامًا، ودُفن في سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك.